هناك حقيقة تغيب عن الكثيرين منا و هي ان اكبر نعم الحياة نادرا ما نجدها اذا تعمدنا البحث عنها .. انها تأتي الينا دون بحث !
قال لي صديق و نحن نتحاور حول هذه المسألة: هل عثر احد على السعادة بمطاردتها ؟ ان السعادة كالظل تتبع الشخص فلا يراها .. فاذا حاول الامساك بها هربت .
ان السعادة تنبع من اعماق النفس و ليس خارجها ، و قد يظل الانسان يبحث عنها مدى الحياة و لا يجدها لأنها موجودة في داخله!
و ما ينطبق على السعادة ينطبق على الحب . فنحن نبحث عن الحب في كل مكان و يخيل الينا اننا لا نجده ، و لكنه موجود داخل نفوسنا و ستأتي اللحظة التي يتفجر فيها . ان هذه اللحظة الهامة في حياة اي شخص لا يمكن البحث عنها .. ان الحب يأتي من تلقاء نفسه بعد ان تتهيأ الظروف و مطاردة الحب كمطاردة السراب !
المهم في السعادة و في الحب معا ان نجعل من انفسنا اشخاصا تستحق السعادة و تستحق الحب، اي نهيئ التربة التي ستنبت فيها الزهور .
وقد ظل قول ارسطو «السعادة نسبية» هو التعبير الاكثر استخداما و تداولا . و نص ما قاله ارسطو « انه اذا بحث عدة اشخاص عن السعادة ، فسوف يجد كل منهم سعادة مختلفة عن سعادة الآخرين » ، اي ان هناك عددا من انواع السعادة بعدد الاشخاص . و ارسطو ايضا هو الذي قال « السعادة لا تتوقف على الآخرين و لكن علينا » .
و لكن القديس اوغسطين يرى غير ذلك فهو يقول « ان سعادتنا تتوقف على سعادة الآخرين حولنا » ، اي اننا اذا اضعنا سعادة الآخرين حصلنا على سعادتنا ، و كذلك اذا احببنا الآخرين فإننا نحصل على الحب ايضا .
و في رأيي المتواضع ان السعادة هي حالة من التوافق بيننا و بين الظروف ، فكثير ما نستيقظ على يوم نحس فيه اننا سعداء، لا ندري كيف . و هو احساس يدل على حالة هارموني بيننا وبين من حولنا و ما حولنا ، فاذا افتقدنا هذا التوافق او هذا الهارموني أحسسنا اننا فقدنا سعادتنا .
و لهذا فإن السعادة حالة مؤقتة تأتي و تذهب . انها نوع من الطقس النفسي او المناخ النفسي، و المناخ يتقلب، و الخريف يتبعه شتاء، و الشتاء يتبعه ربيع، و الربيع يتبعه صيف. والنفس تمر بنفس الحالة، و لكن ليس خلال سنة و لكن خلال ايام .. و ربما ساعات.